البورصات و إنعكاساتها على البلدان النامية
(1) : البورصات الدولية والبلدان النامية
لقد ساهمت البورصات الدولية في توحيد نشاطات الأسواق المالية الوطنية بالرغم من محافظة هذه الأخيرة على إستقلاليتها النسبية فقد كان تطور هذا السوق يعسكر التنقضات الداخلية بين الدول الصناعية حيث ظهر اتجاهان متعكاسان حول نشاط المالي الدولي :
1- النزوح ألى توسيع وتطوير العلاقات الإئتمانية مع تقوية الصلات بين البورصات الوطنية وهذا الاتجاه يتعايش مع ظهور الصلة الدولية للإنتاج
2- كل مثال العزلة الوطنية التي فرضتها تناقضلت المصالح الاقتصادية وتدخل الدولة حتى في المجالات غير الاقتصادية لصالح احتكاراتها الوطنية
إن الظروف التي خلفتها الحرب العالمية الثانية اتجوبت تقوية دور الدول في المجال العلاقات الدولية فقد تقلص اصدار الأوراق المالية في كل مكان بسبب نتائج الحرب كما تزايدت أهمية الدولة في السوق المالي الدولي
ان حصول الدول النامية على استقلالها السياسي أدى الى تطوارت هامة في البورصة الدولية :
- ارتفع الطلب على القروض من الدول النامية بسبب مباشرتها لتنفيذ مشاريع و خطط التنمية الاقتصادية – الاجتماعية ....
ومحدودية الموارد المالية مع ضعف النظام المصرفي في تجميع الموارد وتقديم القروض
- إن امكانية الحصول على الموارد المالية اللازمة من الاسواق الدولية كانت (بالنسبة للكثير من الدول) ضئيلة بسبب ضعف قدرتها الوفائية كما ان اللجؤ الى المصدر التقليدي للقروض وهو اصدار سندات القرض لم يكن ممكنا من الناحية العلمية لذلك ظهر تطابق او تناسب بين متطلبات هذه الدول الداخلية منها او الدولية وانطلاقا من ذاك فإن دراسة العلاقة بين البلدان النامية و البورصة تقتضي التعرف على طبيعة العلاقات الإئتمانية بين البلدان و الدول الصناعية و بهدف التوصل الى المجموعة من الاستنتاجات ليتم على أساسها توضيح الى أفاق المستقبلية لهذه العلاقات على ضوء انعكاسات أزمات البورصات الدولية على الأوضاع الاقتصادية في البلدان النامية
(2) : العلاقة بين البورصات الدولية و البلدان النامية
إذا كانت أهمية و خطورة نشاط البورصات في العلاقات الإقتصادية الدولية قد أصبحت من الأمور المسلم بها فإن تأثر إقتصاد البلدان النامية بأوضاع و أزمات هذه أسواق مازالت وتحدة من أهم الأمور التي تستدعي بإلحاح مزيدا من الدراسة و التخصيص و بشكل خاص ما يتعلق بالسياسات وأيضا الاجراءات التي اتخاذها بهدف توفير الحماية اللازمة للحد من النتقال هذه الأزمات والإنعكاسات على اقتصادات البلدان النامية و هذا يقتضي قبل كل شيء تفهم مختلف الجوانب العلاقة بين نشاط البورصة الدولية و البلدان النامية :
1- تساهم الودائع الخاصة الأفراد و مؤسسات البلدان النامية في تكوين موارد الأسواق المالية عند إيداعها لدى البنوك في البلدان الصناعية أو استعمالها في شراء الأوراق المالية الاجنبية بذلك فأن هذه الأسواق تقوم بدور الوسيط المالي الذي ينظم الائتمانية بين الدول النامية و مواطني هذه البلدان و مؤسساتها بتعبير آخر تحويل جزء متزايد من مدخول و ثروات البلدان النامية الى البنوك و المؤسسات المالية الأخرى في الأسواق المالية الدولية على شكل فوائد و أرباح و عمولات
2- إن حجم القروض الخارجية التي تحصل عليها البلدان النامية يتوقف على الظروف و أوضاع البورصة من جهة و مدى توافر مجالات الاستثمار في الدول الصناعية من جهة اخرى و التي تتوقف بدورها على مستوى النشاط الاقتصادي في تلك الدول : فعندما لاتجد البنوك و المؤسسات المالية الأخرى في الدول الصناعية الماجالات المنافسة لاستشمار مواردها (على شكل تقديم قروض و اقتناء أوراق مالية ...) فإنها قد تظهر الى الفائض في مواردها نحو تقديم القروض الى البلدان النامية و هذا يؤدي بالتالي الى تراجع معدلات النمو الاقتصادي فيها و بالنتيجة عرقلة استمرار ارتفاع مستوى النشاط الاقتصادي في البلدان النامية .
3- إن معظم عمليات البلدان النامية في البورصات العالمية ( تنظيم إجراء القروض الدولية، شراء وبيع الأسهم والسندات و العملات الأجنبية، والذهب ، وغيرها...) تتم من خلال وسطاء المالين (بنوك و مؤسسات مالية دولية ) ويترتب عن ذلك :
- دفع عمولات كبيرة لخؤلاء الوسطاء
- إضعاف مقدرة هذه البلدان على التحرك بالسرعة المناسبة و المرونة الكافية لحماية مصالحها والاستعداد امواجهة الأزمات فيهذه الأسواق قبل حدوثها او على الأقل قبل استفحالها
3- تآكل أجزاء كبيرة من أصول البلدان النامية في هذه البورصات او بفعل تقلبات اسعار الصرف، أسعار الفائدة، معدلات التضخم، وغيرها
نستخلص من هذه الوقائع نتيجة بالغة الغرابة وهي أن الدول المدينة (الدول الصناعية) تتحكم في التوجهات العامة لاقتصادات الدول الدائنة (الدول النامية ) من خلال أرصدتها المالية الموظفة لديها وفي نفس الوقت تتحكم أيضا في السياسات الإقتصادية للبلدان النامية من خلال أساليب وشروط الإقتراض التي تمارسها تجاهها